استقبل مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى وفدًا من كتلة الأرمن النيابية ضم أمين عام حزب الطشناق النائب هاغوب بقردونيان، والنائب هاغوب تيرزيان، وبعد اللقاء قال بقردونيان: تشرفنا بلقاء سماحة المفتي بدار الإفتاء، هذه الدار التي هي دائما الركن الأساسي بلبنان التعايش والاعتدال والحوار والانفتاح، من المؤكَّد أنَّ الموضوع اللبنانيّ هو الموضوع الأهمّ في هذه المرحلة الذي ناقشناه مع سماحة المفتي، وهو ضرورة انتخاب رئيس للجمهوريـة في ٩ كانون الثاني، وعدم تأجيل هذا التاريخ لأنَّ الصب له آخر، ولم نعد نستطيع ذلك، لأننا نخسر الدولة، نخسر لبنان، وهناك مستجدات كثيرة إن كان في لبنان أو في الجوار، ونحن بدون رئيس جمهورية لا نستطيع مواجهة كلَّ هذه الصعوبات، وكلَّ هذه المستجدات. وقد كانت الآراء متطابقة مع سماحته في هذا الموضوع، لأنَّ الأهم هو عودة الانتظام إلى الدولة، من رئاسة الجمهورية إلى بقية السلطات، السلطة القضائية، وإلى المؤسسات العامة وخصوصًا في هذه الظروف السياسية المالية والاقتصادية والاجتماعية.
كانت الآراء متطابقة أيضًا بموضوع تنفيذ القرار 1701 وكل ما نص عليه القرار، أما الموضوع السوري فهناك تغيرات كبيرة، ونتمنى أن تعود سوريا إلى تاريخها، وإلى القيم العربية العميقة، وأن نحترم خيارات الشعب السوري الشقيق الطيب، ومن أهم النقاط احترام خيارات الشعب السوريّ وتوجهاته، وأن تعود سوريا موحدة وآمنة، سوريا العادلة، ونتمنى أن تؤدِّيَ التغيرات إلى استقرار دائم، مع احترام القيم الإنسانية، وحقوق الإنسان، والحريات العامة، وحرية التعبير، إلى حرية المعتقد. وأهم نقطة أخيرًا، هي مفهوم الدولة، فهي الملجأ الوحيد لكل المواطنين في مثل هذا الوضع والظروف، علينا أن نحصِّن الداخل، ونخفِّف من التأثيرات الخارجية على لبنان، إن كان في الجوار أو الإقليم، أو في العالم، وعلينا العودة إلى الدولة والعقلانية، والتكاتف الداخليّ، والالتفاف حول الدولة والمؤسسات العسكرية والسلطة.
كما استقبل مفتي الجمهورية حركة التغيير برئاسة رئيس الحزب المحامي إيلي محفوض الذي قال بعد اللقاء: نحن اليوم في حضرة الشهيد الشيخ حسن خالد مفتي الجمهورية الأسبق، نحن اليوم في حضرة الشهيد الشيخ صبحي الصالح، الشهيد ناظم القادري، وبحضرة شهداء مسجدي التقوى والسلام، بطبيعة الحال البعض يهلل ويقول خلصنا، لا أنا أريد أن أقول لكم اليوم نحن بدأنا المشوار، مشوار بناء الدولة الحقيقية، واستعادة المؤسسات من جديد، ولا يكفي أن نستعيد المؤسسات فقط، بل يجب أن نستعيد الناس، كلَّ الناس، البارحة وردني اتصال من أحد أهلنا من جبل محسن الذي ينتمي إلى الطائفة العلوية الكريمة، وطلب مني أن نطمئن هؤلاء، أنا أريد أن أقول من دار الفتوى: إنَّ هذا اللبنان الذي أردناه ونريده، الذي ضحى أبناؤه كثيرًا، والذين سقط الكثير منهم شهداء، ونحن اللبنانيين لا نقدر إلا أن نكون 18 طائفة، للسني وللعلوي وللماروني وللارثوذكسي وللسرياني، ولكل الطوائف، وحتى اليهودي الذي هو من إحدى الطوائف التي يتكوَّن منها المجتمع اللبناني.
سررت كثيرًا بلقائنا مع سماحة المفتي، فقد كان واضحًا أنَّ كلَّ الذين نلتقيهم – وشكرا لله – عندهم إدارك ووعي بأنَّ هذا الوطن لا يمكن أن يُبنى إلا من داخل المؤسسات، الجيش، وقوى الأمن الداخليّ، والأمن العام، وكلُّ القوى الأمنية وحدها عليها واجب أساسي ولا أحد سواها ومن دون أي شراكة، أن تتولى الحماية والرعاية، طبعًا ما زال عندنا قرى في الجنوب محتلة، هذا الهاجس وهذا الأمر الأساسي الذي سنشتغل عليه ليكون لبنان بكامل ترابه، وبكامل شعبه محررًا، والهم الأساسي هو استعادة المؤسسات، ولا تُستعاد إلا من خلال انتخاب رئيس جمهورية، وقد تشاورنا مع سماحته بمواصفات رئيس الجمهورية وليس بالأسماء، نريد رئيسًا يستطيع أن يجمع ولا يقسم اللبنانيين، رئيس يستطيع أن يكون حاكمًا غير مقيَّدٍ من أحد، او مرتبطًا بأحد، رئيس يستطيع التواصل مع الكلّ، والأهم أن يُعيد الثقة والاعتبار بلبنان وإلى اللبنانيين، ويعيد علاقاته الطبيعية مع الخليج العربيّ، وتحديدًا مع المملكة العربية السعودية. سمعت الكثير من الكلام بأنَّ المملكة العربية السعودية ستُعيد إعمار لبنان، نعم صحيح، ولا مرة تأخرت السعودية عن إعادة الإعمار، توقَّفوا عن سبّ السعودية، وأقفوا تصدير المخدِّرات إليها، وأقفوا الهجوم على قادة المملكة، ولكم بالمقابل أن يعي الجميع ويستوعب ويأخذ الدروس بأنه لا يَحكم لبنان إلا اللبنانيين، ونمدُّ اليد مجدَّدًا للجميع، ولا نريد نكأ الجراح، ولا الرقص على قبر أحد، ولا أن نشمت بأحد. كان هناك كابوس وتمت إزالته، ليس عن لبنان فقط بل عن المنطقة كلِّها، وهذه فرصة تاريخية للملمة الأوضاع تحت سقف الدستور.. والذي لا يريد الطائف نقول له: إنَّ الطائف هو دستور الدولة اللبنانية، وهو سقف المؤسسات. في الختام اِنتظرونا في العادلية غدًا، في قصر العدل، حيث سبق أن تقدمنا بشكوى جزائية بجرم خطف لبنانيين في السجون السورية، في ملف يحتوي على 622 اسمًا، غداً سوف تكون المفاجأة الكبرى، لأننا ذاهبون باتجاه حثِّ القضاء على استكمال التحقيقات، لأنَّ هذه الجريمة الكبيرة التي حصلت على مدى سنوات، والبعض يسأل من لديكم في السجون السورية؟ ونقول لكم – أنا الماروني – الذي يتحدَّث من دار الإفتاء التي هي مرجعية وطنية، ودار أنتمي إليها: إنَّ عدد المخفيين قصرًا والمخطوفين من المسلمين هم أكثر من المسيحيين، وهذا واجب وطني وإنساني، وغدًا إن شاء الله سنكشف بالتفاصيل عن مآل هذه الشكوى التي سبق وتقدمنا بها ضد بشار الأسد وأركان نظامه.
واستقبل المفتي دريان لجنة المتابعة للقمة الروحية التي عقدت مؤخرا في بكركي واطلعته على النشاط التي تقوم به استكمالا لما اتفق عليه في جدول أعمال القمة.